قَضَينا ليالٍ
( بحر المُتقارب )
شعر : حمد الراشدي
مسقط
٢٥ رمضان ١٤٤٥ هـ - ٥ إبريل ٢٠٢٤ م
قَضَيْنا ليالٍ بضَوْءِ البُدورْ
وَطِرْنا بَواحاً بَفيْضِ الصّدورْ
إلى حيثُ يَعْلو حَفيفُ الرَّجاءِ
ويَفنى العَناءُ وتأتي الطُّيورْ
تُبارِكُ هَمْساً إلى النّّجْمِ وافىٰ
وتَخْتِمُ وَصْلاً بِرَسْمِ العُبُورْ
أيا فضْلُ للصَّوْمِ مَدَّ السََنا
إلى كُلِّ قلْبٍ بِحُبٍّ بَرورْ
عَلَوْنا نُفوساً بذِكْرِ المُرادِ
وبِتْنا شِرافاً على كُلِّ دُورْ
قَصَدْنا الكريمَ وربَّ السَّماءِ
نقولُ أسَأْنا وأنتَ الغَفورْ
مَنَنْتَ عَلينا أيا خَيرَ مُعْطٍ
بخيْرِ الزّمانِ وخيرِ الشّهورْ
صحِبْنا الصِّيامَ لتَقْوى الإلٰهِ
ونَيْلِ الرِّضاءِ بِيَوْمِ النُّشُورْ
وكَمْ ذا نَهَلْنا بآيٍ تَلَوْنا
نُهولَ العطاشِ لِغَيثٍ ونُورْ
رَوَيْنا القُلوبَ بنَبْعٍ تَزَكَّى
زكاءَ الأَمينِ بوَحيٍ طَهورْ
ولمْ يَلْبَثِ الشَّهْرُ إلاّ هُنَيْهاً
وها هُوَ بالنُّورِ نَجْمٌ يَغورْ
رُوَيْدَك يا مَنْ بفَضلٍ تَجلّى
وعِند الإلٰهِ يفوزُ الصَّبورْ
فبالأمْسِ عِشْنا ارْتِقاباً ونَرْنو
إليْكَ اغْتباطاً بِكُلِّ الشُّعورْ
وبالْيومِ ها قَد هَمَمْتَ رَحيلاً
وما زالَ فينا دُعاءُ الحُضُورْ
ولكنْ لئنْ غِبْتَ ، نُورُك يَبْقىٰ
لِيَهْدي السّبيلَ كَتَمِّ البُدورْ
إلى أنْ تَحِلَّ عليْنا جديداً
بِكَرِّ الزَّمانِ ونَوْبِ العُصورْ
سَنأْخذُ قُوتَاً : يَقيناً وعَزْماً
لِنَبْقىٰ سِهاماً على أيِّ زُورْ
ونَحْفُظُ عَهْدَكَ دُنْيا وديناً
تَسُرُّ الليالي كما قدْ تَجورْ
ونحنُ دِراكاً لكُلِّ اغْتِنامٍ
على النّهْرِ يُلْفىٰ حَبيسَ الصُّخورْ
إذا العيدُ ألْفى بثَوْبِ اليَتامىٰ
وخَمْصِ الجِياعِ وكسْرِ الظُّهورْ
هُوَ الدَّهْرُ طَوْراً يُريكَ اغْتراباً
ويُصْليكَ لَسعاً بِوَقْدِ السُّجورْ
وطَوْراً يَطيبُ ويَأتي سَلاماً
وفي اليَدِ مِنْهُ عُيونٌ بِحُورْ
هُناك بِمَسْرى الرّسولِ سَعيرٌ
مِنَ الظُّلماتِ وبغْيٌ حَرورْ
هُناك الطُّغاةُ اسْتحلُّوا الدِّماءَ
وعاثوا فساداً بِقُبحِْ الشُّرورْ
تَجَرَّوا على كُلِّ أصْلٍ وفَصْلٍ
وما النَّسْلُ مِنْهُمْ سِوى بَيْتِ جُورْ
تعَرَّوْا على القُبحِْ عن كُلّ وجهٍ
وخاسَ الضَّميرُ بنَبْضِ الفُجورْ
بدَعْمٍ تَحَمَّلَ خُبْثَ المَرامي
لِصُفْرِ الوُجوهِ ونادي الغُرورْ
يَقولون نَحْنُ الحضارةُ حَصْرَاً
وبِ " النّاب " يُمْلونَ بَيْنَ السُّطورْ (١)
وما وَفَروا للطُّفولة عَهْداً
ولا مِنْ رضيعٍ تَهَنّا الخُدورْ
سُعارٌ وقَصْفٌ وقَتْلٌ وهَدْمٌ
ولا مَنْ يَرفُّ بجَفْنٍ غَيُورْ
ولكنْ بأرضِ الرّباط سُطوعاً (٢)
لشَمْسِ الحقوقِ تُضيئُ الدُّهورْ
وما نَفَسٌ إذْ تَزَكَّى الصُّعودَ
سِوى قَبَسٍ مِنْ لهيبٍ جَمورْ
تّعَلَّىٰ نَعيماً ، وظَلَّ شَعُولاً
على الأرضِ حتى يُوافي النُّفورْ
وحَتى يَدولَ الزّمانُ كريماً
وبالعِيدِ يَأتي قَليدَ الدُّرورْ
كعيدِ البوَاسلِ مَطَّ الرؤوسَ
وأَحْيا النّفوسَ بِنَفْحِ السُّرورْ
وعيدٌ سَيأتي ويَلْقىٰ بِلادي
بِحُكمِ الرّشادِ ومَدِّ الجُسورْ
بها الصّرْحُ يَعْلو بخيرٍ تسنّىٰ
وكلُّ مَعيشٍ بَرَغْدٍ قَرورْ
بها المَكْرُماتُ تَفيضُ احْتِداماً
و جَنْيُ الثِّمارِ كثيرٌ غَمورْ
عُقولٌ تُرَبّي وزَنْدٌ يُؤَدّي
وجُهدٌ حثيثٌ كغَلْيِ القُدورْ
هَنيئاً لهيثمَ قاد وأَعْلى
بُنودَ السّلامِ بقَلْبٍ هَصورْ
هنيئاً لهيثمَ شَدَّ الزّنادَ
وأَنْمى الحصادَ وأوْفى النُّذورْ
هنَيئاً لك العيدُ سُلطانَ عَزْمٍ
وفِعْلٍ وفَضلٍ ، وإنّي شَكورْ
(١) الناب : اشارة الى قنابل النابالمْ .
(٢) أرضُ الرباط : فلسطين .