غَدَوْتُ اليوم
غَدَوْتُ اليوْمَ مِثْلَ الأمْسِ كُنْتُ
على الأقْدارِ تُسْعِدُني وتَعْتو
وأحْمِلُها على العَزْمِ الْأماني
وقد تدْنو إليَّ كما رَسَمْتُ
وفي حالٍ يُداهِمُها عِنادٌ
وإنْ سِرْتُ الدهُّورَ لها وعُدْتُ
يَبينُ الصُّبْحُ أسْأَلُهُ كِتابي
أفي قََدَري لِما أمَلٍ أَنِسْتُ
وما بالأمْسِ قد سَطَّرْتُ حَرْفي
على نسقٍ مِنَ الأفكارِ قِسْتُ
وآتي اليْومَ مِلْحاحًا عَجولًا
لأَقْضِيَ ما افْتكَرْتُ وما سَطَرْتُ
ويُبْهرُني النّهارُ به جُموعٌ
يُبيِّنُها لها فَوْقٌ وتَحْتُ
أراني بينَ أفْواجٍ وخَلْقٍ
لَهُمْ خُلُقٌ وأحْلامٌ وسَمْتُ
وأدْخُلُ في الزِّحامِ بروحِ عَزْمٍ
ولي عَهْدٌ ولي ألْيٌ قَسَمْتُ
بأَنْ أُفضي بأفْكارٍ تَسامَتْ
سُمُوَّ العَقْلِ لا يُرْضيه كَبْتُ
أقَلِّبها العيونَ أرومُ وَسْعًا
وَيَغْلبُني الزّحامُ وفيه غُصْتُ
ويا عَجَبًا لتَيّارٍ رَماني
إلى لُجَجٍ بغيرِ لِما أرَدْتُ
تَجاذَبَني وما أبْصرتُ نَحْوي
كأنِّي ما ابْتَدأْتُ وما اقْتَرَبْتُ
وأسْمَعُها تُناديني بَناتٌ
مِنَ الأفكارِ إذْ بَقَيَتْ وغِبْتُ
أيا مَنْ كَنْتَ سَهْرانًا وجِئنا
إليْكَ وقد حَبانا مِنْكَ رَبْتُ
وتَحْمِلُنا مع الأيّامِ تمْضي
تُجادِلُنا أفي الأيّامِ سَبْتُ
أتَتْرُكُنا إلى ظُلَلٍ سِوانا
ومِنّا الرَّحْمُ قُلْتَ : لقد حَفَظْتُ
ألَسْنا والْمبادي والْمعاني
يُؤابُ لها ، وفي الإنكارِ مَقْتُ
وكمْ قَلَمٍ هَرَقْتَ لنا مِدادًا
وصِرْنا لِلضّميرِ بما يَمُتُّ
وِصالًا وانْتِسابًا والتْمامًا
كَحَرْفِ الصّخرِ إذ يُبقيه نَحْتُ
رَجَوْتُ الحالَ أنْ أقْوىٰ جَوابًا
فلمْ تُسْعِفْ مِنَ الشَّفَتَيْنِ بِنْتُ
وغَصَّ الحَلْقُ حتّى لا حُروفٌ
يُتَمْتِمُها اللسانُ ولا نَطَقْتُ
وحَسْبي أنْ خَلَفْتُ لها بِوَعْدي
وفوْقَ الخلْفِ أيْمانًا حَنِثْتُ
وهلْ كانَ النّزولُ هُنا مُتاحًا
وقَدْ صعَدَ الجميعُ وغصَّ تَخْتُ
وما أَدري أَبالإمكانِ عُذْرٌ
يُداريني لدى مَنْ كُنْتُ صُنْتُ
أتَيْتُ الرّكْبَ هُمْ قَوْمي وإنّي
أطَعْتُ الأمْرَ ، هَمّامًا ركبْتُ
ولٰكنّ الغِوايةَ لا أُوالي
وأمّا الرُّشْدُ فُرُبّانًا تَبِعْتُ
وهٰذا الحالُ لمْ يَفْرَغْ وِقاءٌ
مِنَ الأنْواءِ تَعْصِفُنا وتَشْتو
يكونُ الرأيُ في الأنظارِ عَزْمًا
وفي التحقيقِ قد يُبليهِ وَقْتُ
كما في الأرضِ أوْحالٌ ومَرْعٌ
وفيها النَّجْدُ والبَيْداءُ مَرْتُ
وكمْ فِكَرٍ على الأيّامِ ظَلّتْ
على وَرَقٍ لها يَشْتاقُ ثَبْتُ
وما ثُلِمتْ وما عِيبَتْ ولَكنْ
مِنَ الأحْوالِ لا يُوفيهِ نَعْتُ