مَطْلَبُ الْعِلْمِ
( بحر الرَّمَل )
شعر : حمد الراشدي
مسقط
١٥ ذو الحجة ١٤٤٦ هـ - ١١ يونيو ٢٠٢٥ م
مَطْلبُ العِلْمِ وتكْريمُ الحَياةْ
بَدَءَا مِنْ غَمْسِ ريِشٍ في الدَّواةْ
قلَمٌ أوْ ريِشةٌ أوْ طابِعٌ
كُلُّهُا رُسْلٌ لِتَقْريبِ الشََتاتْ
لَوْحَةٌ تَنْقُلُ فَنًّا بَعْدَما
جِيدَ رَسْمًا مِنْ بَديعٍ أوْ سِماتْ
يا لها مِنْ صَفْحَةٍ أوْ مَنْبرٍ
جاءَ بالأفكارِ زُهْرًا نَيِّراتْ
وَلِذا قِيلَ اسْتَزيدوا وافْهَموا
مِنْ بيانٍ خُطَّ أوْ نَبْسِ اللّهاةْ
كلِمٌ ذاك الذي حِينَ دعا
تَمَّ للإنسانِ إصْلاحُ الهَناتْ
وبَيانٌ مُنْزَلٌ مِنْ خالِقٍ
أرْشَدَ النّاسَ إلى طَوْقِ النَّجاةْ
والتُّراثُ افْتَرَّ ثَغْرًا كاشِفًا
عنْ عَظيمٍ في السِّنينِ الخالياتْ
بَسَطَ التاريخَ مِنْ حيثُ جَرَتْ
واقِعاتٌ باغْتِنامٍ أوْ فَوَاتْ
أوْ كِفاحٌ بينَ أسْنانِ الرُّحىٰ
ضِدَّ ظُلْمٍ مِنْ تَصاريفِ العُداةْ
أوْ مُقامٌ أوْ رَحيلٌ لِلْورىٰ
بينَ فُسْحاتِ الفَيافي والفَلاةْ
أوْ صُروحٌ شُيِّدَتْ تُخْبِرُنا
عنْ نُبُوغٍ مِنْ عُقولٍ وبُناةْ
أوْ حكيمٌ فَيْلسوفٌ بارِعٌ
خلَّدَ الأحكامَ تَخْليدَ الهُداةْ
وعَرَفْنا الشِعْرَ والنَّثْرَ بما
صانَ حِفْظٌ أوْ بِما سَنَّ النُّحاةْ
كمْ هِيَ الأقْلامُ بالفكْرِ مَضَتْ
تَحْملُ التَّجْديدَ يُحْيِي مِنْ مُواتْ
بَذَلَ العالِمُ جُهْدًا وقَضىٰ
جُلَّ وَقْتٍ في افْتِكارٍ وانْصِلاتْ
يَقْدَحُ الفِكْرَ أُوارًا هَمُّهُ
يَفْتَحُ الأبوابَ نُورًا والْجِهاتْ
سافرَ الأقطارَ مِنْ أجْلِ النُّهى
تَكْسِبُ الْعِلْمَ نَقِيًّا كالفُراتْ
جاءَ بالأفْكارِ هَدْيًا مُبْدعًا
يَرْسُمُ الدَّرْبَ إلى ما هُوَ آتْ
داعِيًا نَحْوَ الْتِماسٍ مُوصِلٍ
صَوْبَ آفاقٍ كما تَعْلو البُزاةْ
نَفَرٌ أعْطُوا الوَرى ما طَمِحوا
في سَبيلِ العِلْمِ نَهْجًا وصِفاتْ
عُلُماءٌ سَطَّروا مِنْ فِكْرِهِمْ
سَبَقًا واكْتَشفوا سِرَّ النَّواةْ
نَهْضَةُ التَّأْليفِ والعِلْمِ اسْتَقتْ
زخَمًا مِنْ أُسِّ دَعْوىٰ للصّلاةْ
بَيْدَ أنَّ الحاقِدينَ اسْتَنْفَروا
وأَقاموا الحَرْبَ تَدْبيرَ الغُلاةْ
وادَّعُوا في الدِّينِ ما قد ذَمَّهُ
مِنْ جُمودٍ أوْ مُحاباةِ الوُلاةْ
وجرى التّلْفيقُ في عِزِّ الضُّحىٰ
تُهَمًا أُلْصِقَها خَيْرُ الثِّقاةْ
وإذا ما نضِجَتْ في سَرْدِها
قِيدَ ظُلْمًا دونَ عَدْلٍ مِنْ قُضاةْ
عالِمٌ أوْ مُلْهَمٌ كَشْفَ الدَّوا
سِيمَ جَلْدًا أوْ كما يَرضى البُغاةْ
أوْ مُحيطٌ ناظِرٌ بَعْضَ الرُّؤى
ذاقَ مَوْتًا في تَجَنٍّ وعَناتْ
أُحْرِقَتْ كُتْبٌ وماتَتْ فِكْرةٌ
كادَ مِنْها أنْ تُحَلَّ المُعْضِلاتْ
قِيلَ زِنْديقًا بما جاءَ وما
خالفَ الأحكامَ قَوْلًا في العِظاتْ
" إبْنُ رُشْدٍ " مَثَلٌ في كُلِّ ذا
فيْلَسوفٌ سِيقَ قَسْرًا كالعُصاةْ
بَعْدَما أُبْعِدَ نَفْيًا مُغْرِضًا
أُحْرِقَ التّأليفُ طَوْعًا لِلُّحاةْ
مكْتباتٌ عامِراتٌ نُسِفَتْ
مِنْ جُناةٍ أو عُداةٍ أوْ غُزاةْ
إثْرَها ما قامَ أمْرٌ للنُّهى
غارَ ثَمَّ العَقْلُ في عُمْقِ السُّباتْ
وتَوارى العِلْمُ لا يلْوي على
غيْرَ نَقْلٍ واقْتِباسٍ مِنْ رُواةْ
والشُّعُوبِيُّونَ كانوا ثَبَّتوا
قدَمًا حتَى غَدَوْا كَلَّ السُّراةْ
وقُرونٌ فُتْنَ ، حالًا فارغًا
مِنْ دبيبٍ غيْرَ وَصْفاتِ الرُّقاةْ
أمُّةُ التَّوْحِيدِ أمْسى حالُها
بَيْنَ قَبضاتِ الأعاديِ والطُّغاةْ
بينَما الأقْوامُ في أطْرافِها
أشْهَروا الأقلامَ في وجْهِ العُتاةْ
سَخَّروا الفِكْرَ وقادوا نَهْضَةً
في ضُحى الْعِلْمِ ، فَما لانوا قَناةْ
عَجَلٌ دارَ ، قِطارٌ بَعْدَهُ
سُفُنٌ ذادتْ حِمًى والطائراتْ
جاءَ " مَرْكوني " مُتيحًا للنِّدا (١)
تَبْلُغُ الأصْواتُ مِنْهُ النّائياتْ
ما لَنا في كُلِّ ذا إلّا الرَّجا
مَطَرٌ يَهْمي ويُحْيي المُقْفِراتْ
بَنْسلِينُ الطِّبِّ أدْمى جُرْحَنا
حِينَ قُلْنا لابْنِ سينا مُتْ فَماتْ
والْخَوارِزْميُّ يَبكي إرْثَهُ
يوْمَ صِرْنا سالِبًا في الحاسِباتْ
ها هُنا نَحْنُ نُداري عَجْزَنا
عنْ صَنيعٍ أوْ جَديدٍ مِنْ صُحاةْ
واسْتَفَقْنا وابْتَغَيْنا دَوْرَنا
قِيلَ كُونوا حَيْثُ يَبْقى مِنْ فُتاتْ
وانْتَفَشْنا واحْتَجَجْنا هَوْنَنا
قِيلَ قُوموا وادْفَعوا ، لٰكنْ سُكاتْ
ما اعْتَبَرْنا الدَّهْرَ إلّا ماضِيًا
فدَهانا الدَّهْرُ في عُرْسِ الدُّهاةْ
١- العالم الإيطالي جولييلمو ماركوني مخترع الراديو واللاسلكي .