طُوبىٰ لِغَزَّةَ
( بحر البسيط )
شعر : حمد الراشدي
مسقط
٢٨ ذو القعدة ١٤٤٦ هـ - ٢٦ مايو ٢٠٢٥ م
طُوبى لِغَزَّةَ والأحْداثُ وِلْدانُ
سَيْلٌ تَطامىٰ فعَمَّ الأرضَ طُوفانُ
بَحْرٌ مِنَ العَزْم قد جاشَتْ غَوَارِبُهُ
وليسَ لِلْجَزْرِ عَوْداتٌ وإتْيانُ
ألْفِتْيَةُ الشّوسُ ما اخْتَلَّتْ مَرابِضُهُمْ
بَلِ اسْتماتوا ، و هُمْ لِلْحقِّ حِيطانُ
قَدْ شَدَّ جَأْشًا بِهمْ أرْضٌ مُحَرَّرةً
مِنَ الأعادي وحُبُّ الفَدْيِ وَلْهانُ
والذَّبُّ تَضْحيةً نَفْسٌ وطُهْرُ دِما
والبَذْلُ ساحَتُهُ جَوٌّ وميْدانُ
حُكْمُ الهُداةِ قَضَوْا ثُمَّ اصْطَفَوْا قَدَرًا
حُرِّيَّةٌ وَجَبَتْ ، والنَّفْسُ قُرْبانُ
لابُدَّ بالرُّوحِ تَأمينًا وتَلْبيَةً
مِنْ أجْلِ حَقٍّ بِه التّاريخُ مِرْنانُ
وَما تَوانَوْا ، فَقَدْ قاموا وما وَهَنوا
والكَرُّ والفَرُّ إيِذانٌ وعُنْوانُ
والْعَهْدَ إذْ صَدَقوا تاقَتْ لهُ مُهَجٌ
فَقَدَّمُوها إلى الدَّيَّانِ تَزْدانُ
هُناكَ قَدْ عَرَفوا يَوْمًا لهُ ذَهَبوا
نَصْرًا مُبينًا على الطَّاغينَ إذْ هانوا
ويُكْمِلُ الْعَهْدَ أبطالٌ لهُ نَذَروا
نَفْسًا وقَلْبًا مِنَ الإيمانِ رَيَّانُ
مِنَ الرِّجالِ تَزَكَّوْا بالصُّمودِ وهُمْ
تَعَهَّدوا الأرْضَ ، فيها الحُبُّ أَيْمانُ
والشِّيبُ مِنْهُم تَعَدَّوْا وَصْفَ مَنْقَبَةٍ
في الصَّبْرِ والعَزْمِ ، والسّاحاتُ نِيرانُ
أمّا الكُهولُ مَعَ الشُّبَّانِ ما بَرِحوا
إلاّ دِفاعًا وما حادوا وما لانوا
وقاوَموا صَلَفًا واشْتَدَّ ساعِدُهُمْ
لمْ يَعْبَأوا حيثُما قَصْفٌ وعُدْوانُ
لمْ يَثْنِ مِنْ عَزْمِهمْ جَوْرٌ وإنْ سُكبتْ
كلُّ الفظائعِ ، إنَّ الدّرْعَ إيمانُ
بلْ حَوَّلوا السّاحَ أشْراكًا وصِيدَ بها
مَنْ جاءَ غَزْوًا وتُبّاعٌ وأَعْوانُ
عِشْرونَ شَهرًا زِنادُ البأسِ يَعْرفُهُمْ
يُقارِعونَ جُيوشًا والْعِدا شانوا
إنَّ الثّباتَ وما أدّوا لَمُعْجِزَةٌ
كأنَّهُمْ لِسنامِ المجْدِ عُمْدانُ
كأنَّهمْ لِسوى الوَثباتِ ما خُلِقوا
وإنّهُمْ لِضَميرِ الحَقِّ بُرْهانُ
وإنَّهُم لِبُلوغِ النّصر أسْيُفُه
وإنَّهُم لِحياضِ العزِّ وِرْدانُ
وإنَّهُمْ مَثَلٌ والقُدْسُ تَنْظُرُهُ
أسْطورةً خَلَّدوا والسِّفْرُ تِبْيانُ
حَيُّوا البطولةَ والأشْبالُ أذْرُعُها
أحْفادُ شُهْمٍ وأنْجالٌ وأقْرانُ
تَشَرَّبوا الصّبْرَ والأنقاضُ تَغْمُرُهُمْ
واسْتَوْثقوا النَّصْرَ يَأْتيهُمْ وإنْ عانوا
هُمْ يافعُونَ وأطْفالٌ كمَا ظَهَروا
لٰكنَّ أفْعالَهمْ صخْرٌ وصَفْوانُ
تَرَضَّعوا البأْسَ مِنْ ثَدْيَيْنِ في مِحَنٍ
واحْتدَّ فيهمْ على البأساءِ أسْنانُ
ساحُ الطُّفولةِ في البُلدانِ مَرْتَعُها
وساحُهمْ في الوَغىٰ رَدْعٌ وصلْيانُ
أمّا النِّساءُ فقدْ كُنَّ الضّرامَ جَرى
بالبَذْلِ حينَ اسْتباحَ الأرضَ بُهتانُ
عانَيْنَ قَمْعًا وتَشْريدًا على ضَنَكٍ
أعانهُنَّ لِذا صَبْرٌ وإيقانُ
وألأُمُّهاتُ تَحَمَّلْنَ الجِراحَ بما
أُصِبْنَ في وَلَدٍ أوْ راعَ فُقْدانُ
هُنَّ الّلواتي تَوَشَّحْنَ الصُّمودَ كما
ذُقْنَ القَضاءَ فِداءً وَهْوَ مِحْيانُ
يا أهْلَ غَزَّةَ فُقْتُمْ في تَحَمُّلِكُمْ
كُلَّ التَّصوُّرِ ، لِلأهْوالِ رُكْبانُ
إنَّ المظالِمَ إذْ صَكَّتْ نَواجِذَها
عَليْكُمُ رِيعَ مِنْها الإنْسُ والْجانُ
عَصْرُ الحضارَةِ قِيلَ النَاسُ قد كُفلوا
عدْلًا ، ولٰكِنَّ كَفَّ الوَزْنِ أقْطانُ !
تحْتَ المَسامعِ والأبْصارِ واقِعَةٌ
تِلكَ المجازرُ والأَقْواتُ حِرْمانُ
ومَنْ يُخَطِّطُ للتَّهْجيرِ يَنْسُجُهُ
تحتَ الخَفاءِ ، يَحيكُ الغَزْلَ ثُعْبانُ
والوِدُّ في الغَرْفِ مَشغولٌ بِقَصْعَتِهِ
والخَصْمُ في النّهْشِ أذْيابٌ وحِيتانُ
إلاّ القليلَ وما قَلّتْ صَنائعُهُمْ
في النَّصرِ أُسْدٌ وفي الإسْنادِ تيجانُ
أبْناءَ غزّةَ عِشْتُم للصُّمودِ ولنْ
يروغَ عنْ حَقِّكُمْ ما دَلَّ قُرآنُ
والنَصْرُ آتٍ ولا تَخفىٰ دلائلُهُ
والنّاصِرُ اللهُ رُحْمٰنٌ ومِعْوانُ
ومِنْ بِلادي " عُمانَ " الخيرِ أُبْلِغُكُمْ
عَظيمَ قَدْرٍ لَهُ الإجْلالُ عِرْفانُ