يا روْضة
يا روْضَةً أُسْقيتِ مِنْهُ المُسْبِلا
وابْتَلَّ مِنكِ الغُصْنُ حتّى أَسْبلا
وغدا يُضاحِكُ بالفُتونِ رَبابَهُ
ثَمِلاً على غيرِ الصَّبوح تَعَلّلا
عَشقَتْ ترائبُكِ النَّدى فَندى لها
مِنْ بينِ داجٍ كالغصونِ تَذلَّلا
يَنْداحُ مِنْهُ القَطْرُ يجري ساجما
و يُلامِسُ الجَسَدَ المَنيعَ تَدَلُّلا
وترى الذّؤابةَ كالوَميضِ تَزفّهُ
وعلى الرِّدافِ أمَرَّ واجْتازَ الطُّلا
حَبَبٌ يَسيحُ على الكتُوفِ مَلاءةً
فكأنّهُ البلُّورُ لئلاءً علا
يا قَطْرُ أُهْدِيتَ المَراتِعَ غَضةً
هُنِّئْتَ صَدْراً كالسَّجنْجَلِ مُصْقَلا
وشَواكلاً كالقَوْسِ بالحَنْي احْتمىٰ
ماوِيََةً لمَعَتْ كمَمْزوجِ الطِّلا
خِلْتُ المَرايا بالحديقة طَوَّقَتْ
فتَماوَجَتْ بالحُسْنِ شَفَّافاً جَلا
وبَعَثْتُ أفكاري تُناجي شاهقاً
تجْتابُ بالنظَرِ اليَتيمِ خَمائلا
ورجَتْ لَوَنَّ أنامِلاً مِنْ راحتي
نصَبتْ على القَدِّ الزُّجاجيْ مَعْقَلا
وسَعَتْ لِتنْظيمِ الحَبابِ طوافَهُ
مُتَلَذِّذاً فوقَ المتونِ تَنَقُّلا
وليَ الأمارةُ تعْتَلي ولها إذا
زِيغَتْ دُروبٌ أنْ تُقيمَ المُحْوَلا
وإذا اسْتَقّرَّتْ جانباً فأنا الذي
يَبْقىٰ يُسوسُ الأمْرَ فيما أُمِّلا
وكما وَقَفْتُ مُبَكِّرِاً قَيْدَ الرَجا
ونَظرْتُ تَفْريخَ الأجِنِّةِ كُمَّلا
فَهيَ المدينةُ ليْ ولاءً خالِصاً
وعلى التَّمامِ ليَ الزّعامةُ مَوْئلا
والعَهْدُ ليْ في كلِّ أَمْرٍ جامعٍ
أوْ غَيرِهِ ، زَمَناً مَضى أوْ أقْبَلا
وكما حَلَفْتُ بداخِلي أَبْقى المَدى
مُتَرَئّساً ، مُتَزَعِّماً ، ومُبَجَّلا
أوَليْسَ تِلكَ أَرومتي تُفْضي لِذا
أَيُظَنُّ أنَّ عُروبتي تقْضي بِلا
وبِأَوَّلِ التَّرْسيمِ أُمْضي نافذاً
فَأُعَدِّلُ الدَّسْتورَ حتّى يشْملا
تأجيلَ نَفْخِ الصُّورِ في يومِ القَضا
أوْ جَعْلَ حُكْمي قائماً ومُفَعَّلا
فلقدْ أَقَرَّ القوْمُ نُدْرَ شَهامَتي
وأمانَتي تُجْري الرِّياحَ تَسهُّلا
وعِصابتي تَرْجو الدّوامَ تَسَرْمُداً
لزعيمِهمْ ، فلَهُ النّجابةُ مأثَلا
ولَهمْ بما قَرَّتْ بِهِ عَيْنٌ تَرىٰ
مِنْ مَكْسَبٍ أو مَنْصَبٍ بَلَغَ العُلا
مَنْ ذا يذودُ عِنِ الحِمى إلاّ أنا
ومَنِ الذي غَيْري يَقودُ الجَحْفلا
وإذا شَخَرْتُ فهي العَلامَةُ لِلْعِدا
أنْ سَوْفَ يَلْقَوْنَ البَلاءَ تَهَوَّلا
وإذا نَطَقْتُ فكُلُّ حرْفٍ بَلْسَمٌ
سَمعَ السّحابُ بِهِ فأَوْفىٰ مُهْطِلا
وإذا سَكَتُّ فإنَّ أفْعالي لها
صوْتُ الرّعودِ تَرازُماً وتَهَلُّلا
قُوموا وصَلّوا رِكْعَتَيْنِ تَشَكُّراً
فلقد رُزِقْتُمْ ما اسْتَفاضَ مُسَرْبَلا
عَجِزَتْ نِساءُ الأرضِ أنْ تَلِدَ الضّنا
كَدَمي وجِئْتُ مِنَ السّماءِ مُنزَّلا
* الروضة هي المرأة التي نزل عليها المطر وساحت حباته من شعرها المبلل على جسدها فرسم تلك الصورة البلورية للماء وهو يجري على العنق والكتفين ، ولاعطاء البيئة عناصرها المكونة للحسن والاستمتاع تم استخدام المفردات المازجة للاخضرار والجمال الانثوي و الخمر ، ثم تأتي الأنا التي تريد أن تسيطر وبالخيال تتصور ما سيقوم به الأنا في التحكم ولأن هذه الأنا من أرومة عربية فمعروف ما سيكون حال هذا التحكم من واقع حال الأمة على مدى عقود إن لم يكن قرونا ، وللقاري سعة الخيال في ما يريد .