قال مِصْراً
قال مِصْراً لِمنْ أرادَ الوُرودا
قُلْتُ مِصرَ اسْتَمى لها تَحْديدا
خالِقُ الكَوْن يَوْمَ قالَ اهْبطوها
ولكمْ مِمّا تَسْألوني مَزَيدا
بُسِطَتْ رِزْقاً في العُصورِ تَوالَتْ
وصَفا العيْشُ في رُباها رغيدا
قُصِدَتْ مِنْ كُلِّ الأنامِ رَأَوْها
مَوْطِناً يَجْعَلُ النَّحيسَ سَعيدا
بَكَّرَتْ فيها للحضارةِ شَمْسٌ
طالَ إشْراقُها ودامتْ عُهودا
قالَ مالي أرى لها قد توارتْ
عنْ شديدٍ مِمِّا يَرُدُّ شَديدا
وتَخلَّتْ عنْ دَوْرِها كانَ يوماً
يَقْدُمُ العُربَ في العُزومِ حَديدا
مالَها والنّاسُ استغاثوا دواءً
في صُدودٍ عمّا تَنَكّى صَديدا
مالَها والأهْلُ اسْتُحِلُّوا ذِماراً
ليْسَ تَفْدي ولا تُغيثُ الطَريدا
مالَها والذِّئابُ تَعْوي ثَراها
سوَّمَتْ أمْراً كانَ مِنْها رَشيدا
ليْسَ إلاّ سيفاً على الظُّلْمِ كانت
حين تُرْجى لكنْ غدا اليومَ عُودا
مِن رُباها قِيدتْ جيوشٌ بَناها
ليْثُ حِطِّينَ ما اسْتكانَ وئيدا
مَنْ سِواها لِلعُرْبِ كانَ مآلاً
عَمَّدَتْ بيْتاً للعُروبةِ شِيدا
هلْ لأبناءِ العُرْبِ في كلِّ خَطْبٍ
غيْرَ مِصْرٍ حتّى يُقيموهُ مِيدا
" أنا إنْ قَدَّرَ الإلٰهُ مَماتي
لا تَرى الشّرْقَ يرفعُ الرأسَ " سِيدا
قالها "حافظٌ " وزاد "رِجالي "
حينما يُنْصَفوا لَبانوا أُسُودا
" إنَّ مِصراً روايةُ الدّهرِ فاقْرأْ "
قال " شوقي "، واليومَ خِيلَ أكيدا
يَنْزفُ الأقصى بينما النّيلُ يجري !
حارَ في الفهْمِ واستحالَ رُدودا
مالكَ النيلَ لا تَجِمُّ اعْتِراضاً
ضِدَّ مِيلٍ عنِ الزِّحافِ صَدودا
والجِوارُ القريبُ يَدْمي نَجيعاً
والأعادي بالجُورِ زادوا وطيدا
أيُّها النّيلُ أنتَ تُعطي حياةً
تَتَهاوىٰ بالشّرْقِ مِنْكَ لُحودا
أيُّها النّيلُ تَحْمِلُ الزَّهْرَ غَضّاً
في الحِمى مِنْكَ يُرْتَمى أُخْدودا
أيُّها النّيلُ البَهيُّ زدْتَ شُموخاً
أنْظُرِ الضِّلعَ مِنكَ حُزَّ وَريدا
مَنْ يُداوي للشّرْقِ جُرْحاً تَأَنَّىٰ
والمُداوي في الغَربِ مالَ بَعيدا ؟
ومتى تُحْمىٰ للْوَطيسِ شِفارٌ
والمُحامي غدا يُعاني البُرودا ؟
يا لحرِّ الفُؤادِ حين يُنادىٰ
أهْلُ وُدِّ ولا يَرِدُّوا البريدا
أيُّها الأزهرُ الشّريفُ خِطاباً
هلْ تراهُ كما تَرى التّوْحيدا
واجباً ، مَنْ ظُلْماً يُلاقي وضيْماً
نصْرَهُ ، أم يُسامُ جُوعاً مُبيدا ؟
أنتَ " خوفو " هل يَسْتَبيكَ زمانٌ
يَسْلِبُ العزْمَ مِنْ ذُراك مَقُودا ؟
أمْ تُراكَ انْتُسيتَ تِلْكَ المَسلّا -
تِ عَلَتْ مِثْلَما رَأَيْنا الجُدودا
كوْكبَ الشّرقِ ما لشرقِك نايٌ
أيْقِظي القَوْمَ واصْدحي المَعْهودا
يا لشوقي : الشّرقُ ما عاد هَمّاً
شَرْقُك المهْمومُ اسْتَهَمَّ وحيدا