جاد بالشَّدْوِ
جادَ بالشَّدْوِ ذلِكَ الشّحْرورُ
يُخْبِرُ الصُّبْحَ أنَّهُ مَسْرورُ
أبْدَعَ الأنْغامَ انْسِجامًا فأَهْدىٰ
صَفْوَ قَلْبٍ كما تُريدُ الحُورُ
يَسْتَبيكَ الصّدوحُ مِنْهُ انْفِرادٌ
صادِحًا نايًا ثُمَّ يَتْلو صَفيرُ
أيُّها الطّائرُ ابْتَكَرْتَ شَدَاها
قَلَّدَتْكَ الغِناءَ تِلْكَ الطُّيورُ
ومَنَحْتَ الصّباحَ لَحْنًا بَديعًا
يُطْرِبُ المُصْغي ، يَعْتَريهِ حُبورُ
ودَعَوْتَ الأغْصانَ تُدْني زُهُورًا
رَطْبَةً ، والنّدى عليْها خَريرُ
يستْجيبُ الدّوْحُ البعيدُ طَروبًا
مَيْلَ عُودٍ والنَشْرُ مِنْهُ عَبيرُ
عَرفَ النَاسُ مِنْ نِدائكَ فَجْرًا
ثُمَّ قاموا فَلَمْ يَفُتْهُمْ بُكورُ
جِئتَ بالتّسْبيحِ ابْتِداءً فَتَمْضي
نَحْوَ وِدْيانٍ حَيْثُ يُجْنى النّضيرُ
مُودَعٌ فِيكَ الآيُ عنْ كيفَ يُؤتىٰ
مَبْلَغُ الآمالِ احْتَوَتْها الصُّدورُ
وَجَعَلْتَ البِدارَ مفْتاحَ سَعْيٍ ،
لَكَ سَبْقٌ والخافِقانِ نَصيرُ
تُسْرِعُ التّحْليقَ اسْتِباقًا لِرزْقٍ
مَنْ غدا الصُّبْحَ فالنَّوَالُ غَفيرُ
أيُّها البُلْبُلُ اكْتَحَلْتَ جَناحًا
ذهَبِيَّ المِنْقارِ أنتَ بَشيرُ
وَرسولٌ لِلْفَأْلِ مِنْ حَيْثُ تَعْلو
يَغْلِبُ العُسْرَ في السّماءِ اليَسيرُ
لا تُبالي إنْ كانَ في الجَوِّ غَيْمٌ
في سُهولٍ خَيْرُ الضّواحي وفيرُ
ليسَ هَمًّا إنْ أغْدَقَ الغَيْمُ سَيْلًا
ذاك يُعطي ماءً ، ومِنْهُ الغَديرُ
وإذا المَرْعى جارَ فيه بُغاثٌ
فالْحُقولُ التي تَليها تُجيرُ
وإذا للزِّغابِ لمْ يَبْقَ وَكْرٌ
وأَزاحَ السُّكونَ تُرْسٌ يَدورُ
أوْ أُناسٌ جاؤوا وباتوا حِلالًا
وتَغَشَى الرُّبوعَ خَلْقٌ كثيرُ
ليسَ تَعْيا البَديلَ دارًا وعِشًّا
في سُهوبٍ بالمِثْلِ مِنْها نَظيرُ
كمْ بلادٍ أقَمْتَ فيها عَزيزًا
والبَراريْ والغابَ أنتَ تَزورُ
مَعْشَرَ الطّيْرِ أنتُمُ نُورُ دَرْبٍ
لِلْورى إنْ عَزَّ الأنامَ بَصيرُ
فاحِمٌ مِنْكُمْ أُلْهِمَ الدَّرْسَ يُعْطي
كيفَ دَفْنٌ بَعْدَ المَماتِ يَصيرُ
هُدْهُدُ العَرْشِ عنْ " سُليْمانَ " أبْطا
حيثُ " بَلْقيسُ " قدْ حَوَتْها قُصورُ
ناقِلًا للرَّسولِ عِلْمًا يَقينًا
صَدَقَ العِلْمُ مِنْ " سَبا " والسّفيرُ
ثُمّ أوْلاهُ بالرِّسالةِ تَدْعو
قَوْمَ كَفْرٍ ، والْهَدْيُ فيها ونُورُ
ولَكُمْ مَنْطِقٌ يُفيدُ بَيانًا
أُمَمٌ أنْتُمْ - قالَ ربِّي - تَسيرُ
وتَعَهّدْتُمْ فِطْرَةً في سَناها
لمْ يُخالِطْها زائفٌ أوْ غُرُورُ
ليْتَ مِنّا نَحْنُ الأنامَ تَحَلّىٰ
واقْتَدىٰ بالنِّظامِ ليسَ يَحورُ
وحَفَظْناها فِطْرَةً مِنْ خُروقٍ
داهَمَتْنا ، والْحِفْظُ مِنّا جديرُ
ولَنا في الحِفاظِ صَوْنُ حَياةٍ
مِنْ شُرورٍ قامَتْ عليْها شُرورُ
ولنَا في الجُسومِ قَلْبٌ ونَبْضٌ
ولنا في الرُّؤوسِ ما قَدْ يُنيرُ
إنْ هُما سُخِّرا إلى كلِّ خيْرٍ
جاءَ بالفضْلِ لمْ يَشُبْهُ القُصُورُ