حَباكَ اللهُ يا وَطَني
( بحر مَجْزوء الوافر )
شعر : حمد الراشدي
مسقط
٩ ذو القعدة ١٤٤٦ هـ - ٧ مايو ٢٠٢٥ م
حَباكَ اللهُ يا وَطني
بِذي الخيراتِ والمُنَنِ (١)
وأفْذاذٍ لِما اقْتَحَموا
مِنَ الأَهْوالِ والخِشَنِ
سَقَتْهُ السُّحْبُ مِنْ بَأسٍ
فَأسْقاهُ لِذي أَرَنِ (٢)
على الصّوْلاتِ جامِحُهُ
ولا يُمْسي على أَنَنِ
ويَتْبعُها لها تَغْدو
طريداتٍ بِلا وَهَنِ
فَتًى لِعُمانَ شَدَّ لها
زُنودَ الجِدِّ والمُتُنِ
بُلوغُ المجْدِ رائدُهُ
ولا يَثْنيهِ مِنْ رَسَنِ
لِذَرْواتِ العُلا تَصْبو
لهُ عَيْنٌ بلا وَسَنِ
سَلُوا الأَعْيانَ شاهِدَةً
بما يُغْني عنِ الظَّنَنِ
وهاتيكَ الرُّبىٰ تُفْضي
بما أبْلىٰ ولمْ يَهُنِ
وما أَحْنىٰ لهُ رأسًا
ولمْ يُسْلِمْ لِمُمْتَحَنِ
بَلىٰ أَوْفى بهِ عَزْمًا
وفَتَّ الصَّخْرَ كالقُطُنِ
عَوادي الدَّهْرِ حَيّدَها
بمَجهودٍ ومُفْتَتَنِ
مِنَ الإصْرارِ سارَ بهِ
عَريضَ الصّدْرِ والبَدَنِ
أبِيَّ النَّفْسِ رائضَها
على الإقْدامِ في المِحَنِ
ولبّاها النِّدا شَرَفًا
لكيْ تَبْقىٰ بِمُؤتَمَنِ
عنِ الإخلافِ يَسْلُبُها
عُزومَ المُضْيِ والظَّعَنِ
ودانَ الصُّعْبَ أشْرَسَها
وَواتَتْهُ ولمْ يَلِنِ
خُذِ الأمْثالَ : أبْرزُها
بما يَكْفي وما يُعِنِ
عَنِ الدَّوْلاتِ إذْ حَكَمَتْ
بِقاماتٍ مِنَ اليُمُنِ
ومَنْ ساسوا وهُمْ نُجُبٌ
أباةُ الضَّيْمِ والشَّيَنِ
لِدينِ اللهِ هُمْ كانوا
حُماةَ الحقِّ مِنْ فِتَنِ
ورَدُّوها غِواياتٍ
عِنِ القُرآنِ والسُّنَنِ
لِحِفْظِ الدارِ حاطوها
بميثاقٍ ومُتَّزَنِ
مِنَ الغاياتِ جَوْهرُها :
يُعَزُّ الكُلُّ في الوَطَنِ
ولمّا دارَ دائرُها
مِنَ العُدْوانِ والضِّغَنِ
تَنادَى الجَمْعُ يَبْسُطُهُ
لِغالي النّفْسِ والثَّمَنِ
وشادوا المُلْكَ رايتُهُ
مِنَ الأزمانِ في القُنَنِ (٣)
أَقاموا الحُكْمَ في رَشَدٍ
وسَدّوا الْخَرْقَ مِنْ بِيَنِ
وخاضوا اليَمَّ أَزْخَرَهُ
إلى الأصْقاعِ والمُدُنِ
وأخْطارًا تَعَلَّوْها
لإعْمارٍ بلا دَخَنِ (٤)
وحَثُّوا السَّعْيَ مِنْ عَمَلٍ
فزادَ الجَنْيُ مِنْ مُؤَنِ
ونالوا الحَظَّ مِنْ صَيْتٍ
بِما جَدُّوا مَدى الزّمَنِ
وما أَدُّوا وما أغْنُوا
مِنَ الأعْمالِ والمِهَنِ
أَجادوها بأسْفارٍ
وأفكارٍ بلا دَرَنِ
يَبيتُ المَرْءُ يُزْعِجُهُ
نِداءُ الضُّعْفِ والشَّنَنِ
بأنَّ الرِّزقَ في ضَيْقٍ
وأنَّ الشُّغْلَ لَمْ يَكُنِ
بِأيْدينا نُحَوِّلْها
لذي الأنْفاسِ مِنْ سَكَنِ
بأفْكارٍ تُسَخِّرُهُا
سَواعِدُنا بلا هُدَنِ
وإتْقانٍ بلا خَلَلٍ
وإنْجازٍ بلا تَئنِ
لِوَخْزِ اليأسِ شاحِنُهُ
مِنَ الآمالِ لَمْ تُصَنِ
فَإنْ كُنّا نُريدُ غَدًا
مِنَ الأجْيالِ في حَسَنِ
وهمْ بلَغوا كما برَعوا
وحازوا حَوْزَةَ الفَطِنِ
فلا عُذْرًا لِذي عَمَلٍ
إذا جُعِلوا بِمُرْتَكَنِ
وفي الأقْسامِ أَغْرابٌ
تَوَلَّوْا كُلَّ ذي وَزَنِ
ألَيسَ الأَمْرُ يَعْنيهُمْ
وفي الأبْصارِ والأُذُنِ ؟
وأنَّ النّاسَ أكْفاءٌ
على الوِسْعاتِ والَلِزَنِ (٥)
هُناكَ الجُهْدُ يَبْذُلُهُ
مَليكُ العَرْشِ والوَطَنِ
ونُصْبَ العَيْنِ جاعِلُهُ
بِأنْ تُدْنىٰ بلا مِنَنِ
عناقيدٌ وقد نضَجتْ
قَطائفُها على الفَنَنِ (٦)
يَنابيعًا سُيُجْريها
كما تَجْري على الشّجَنِ (٧)
فَتَرْويهِمْ بِنُعْماءٍ
مِنَ الرّاعي لِكُلِّ بَني
يَنالُ الفَضْلَ أَجْمَعُهُمْ
مِنَ الأبناءِ في وَطَني
١- المُنَن : جمع مُنّة وهي القوة والقدرة .
٢- أَرِن : النّشيط .
٣- القُنَن : جمع قُنّة وهي أعلى الجبل .
٤- الدّخَن : الغِش والخداع .
٥- الّلِزَن : جمع لَزِنَة وهي السنة الشديدة الضيق .
٦- الفَنَن : الغُصْن ، مفرد أفنان .
٧- الشّجَنْ : الوادي بين الجبال . الجمع : شَواجن