نُريدُ العقلَ
عَقدْتم عزْمَ شُهّام الخِصالِ
لتَحْذوا حَذْوَ مَن صعَدَ المعالي
وبالجَلَدِ المتينِ لقدْ ظَفرْتم
بما الْآمالُ مَنَّتْ مِن نوالِ
مضَيْتم بالسّنينَ وما وهَنْتم
رُباةَ الجُهْدَ سُهّارَ الليالي
وها أنتم على سَفَرٍ وقَصْدٍ
إلى حيثُ العلومُ بلا سؤالِ
وكمْ نَهَلَ الْمعارِفَ مِن نَجيبٍ
وعادوا بالذَّخائرِ والْغَوالي
وأبْلوا في مقاصدهم جميلاً
وما تَركوا مجالاً للْجِدال
وفي الأوطانِ صَدَّقهم صَنيعٌ
بهِ شَكَموا الصِّعابَ وبامْتثالِ
وما بلَغوا المرامَ بغيرِ جُهْدٍ
ولكنْ مِن على عَصَبٍ عُضالِ
ووافقهم على التعليمِ شَفٌّ
بهِ اقْتطفوا ثِماراً مِن غِلالِ
وفي الوطنٍ العظيمِ لهم سنادٌ
مِنَ القُرَناءِ أكْفاءٍ جِلالِ
هُمُ النُّجُباءٍ مَنْ غَرَفَ المعاني
مِنَ العَتَباتِ والْغُرَفِ الْعَوالي
بجامعةٍ بها الأفواجُ طافتْ
ومنْها الْعِلمُ فاضَ على الْقَنالِ
وقد تُلِيَ النَّشيدُ لهم سلاماً
بما وفَّوا وجادوا مِن فِعالِ
وكمْ برِقتْ لهم آفاقُ عِلْمٍ
ومعْرِفَةٍ وتَصْريفِ اعْتِدالِ
وما فرِغَتْ صروحُ العلمِ تُعطي
مِنَ الأنجابِ طُرَّاقِ الْمُحالِ
عُمانُ تَرى بها في كلِّ سَهْلٍ
حِزامَ الجامعاتِ على اتِّصالِ
ومنها الْحازِمون أتَو لفيفاً
إلى حِزَمِ الْمعاولِ والْبِذالِ
وفي الميْدانِ كان لهم هديرٌ
وفي الْإنْجاز ، إذْ شَرَفوا بحالِ
إلى لُجَجِ الْبحارٍ السَّبعِْ رَكْبٌ
يسيرُ لها بأفْئدَةٍ حِمالِ
بها شَغَفٌ وقد نظرتْ بعيداً
إلي الأفُقِ الذي فوقَ الجبالِ
فما ترْضى بغيرِ العلمِ زاداً
تَعود بهِ وقد ظَفرتْ بغالي
ومَن تركَ الْبلادَ لأجْلِ عِلمٍ
فلا يَدَعُ المَزاجَ بلا حِبالِ
متى حُفِظَ الطريقُ إلي يقينٍ
فَمَسْلَكَهُ الضِّرامُ مَعَ الْفِتالِ
وما خَمَدَتْ لذي لُبٍّ ضرامٌ
يُنيرُ بها مساراتِ المَنالِ
وفي الغُرُباتِ ما يُغْري ويلْوي
على الطُّرقاتِ مِن تشتيتِ بالِ
فمَنْ أبقى على عِظَمِ المرامي
فقد أبقى على مَدَدِ الوِصالِ
هناك القومُ سادوا باقْتِدارٍ
وقُدْرَتُهم تعالتْ باشْتِمالِ
ونحنُ متى أرَدْنا الْعلمَ صِدْقاً
لَنَشْحَنْها صُدوراً باكْتِمالِ
ولا بَدَلاً سِوى عِلْمٍ لِنَرْضى
وإن كُتِبَتْ شهاداتٌ بعالي
ولا الْأرقامُ تُغْنينا كثيراً
ولا الْأسْما وإنْ سُبِقَتْ بدالِ
نُريدُ الْعلمَ ما يبني عقولاً
ومعْرِفةً لتفْتيتِ الجبالِ
نُريدُ العقلَ مَن نَظرَتْ رؤاهُ
إلى الخِلْجانِ ماءً مِن زُلالِ
* بمناسبة ابتعاث فوجٍ من طلبة العلم للدراسة في خارج السلطنة .