قُلْ للشّوادِنِ
قُلْ لِلْشّوادِنِ أمْرُكُنَّ مُطاعُ
وكما رَغِبْنَ فلا يكونُ نِزاعُ
وكما تُريدُ الرُّودُ في عَلْيائها (١)
فَفِداؤُها الأبْصارُ والأسْماعُ
لا شيءَ يَمْضي غيرُ ما أَمَرَتْ بهِ
حَوْراءُ لَحْظٍ سَهْمُهُ قَطّاعُ
أوْ ذاتُ فَرْعٍ كالضّواحِلِ مَوْجُهُ
يُغْريكَ سَبْحاً ، والجَبينُ شِراعُ
أوْ ذاتُ ثَغْرٍ كالبُدُورِ بَريقُهُ
يَدْعوكَ رَشْفاً والخُدودُ وِساعُ
أوْ ذاتُ خَصْرٍ كالحَريرِ نُعُومةً
يُهْديكَ عُمْراً إنْ حَواهُ ذِراعُ
وهْيَ التي مَن يَسْتَبيكَ بِمَبْسَمٍ
وبِهِ النّهارُ : إنارةٌ وشُعاعُ
أتَراكَ إذْ أبْصَرْتَ يَوْماً مَيْسَها
عِزََ المُنىٰ وتمايَدَتْ أضْلاعُ
فَوَدَدْتَ أنَّكَ قدْ حَوَيْتَ دَلالَها
والدَّلُّ مِنْها فِطْرَةٌ وطِباعُ
وقضَيْتَ تَسْري للنّجومِ مُخاطِباً
كَيْما تُشاهِدُ أوْ يَرِقُّ سَماعُ
فَتَزيدَ مِنْ لَألائِها وقَصيدِها
والحبُّ لَحْنٌ صادِحٌ رَجّاعُ
وهُناكَ أطْفَأتَ الفُؤادَ حريقَهُ
وكما تَظنُّ بِأَنْ كُفيتَ ضَياعُ
وحَسِبْتَ قاسَمْتَ الجداولَ صَفْوَها
وغَدَوْتَ تَرْجو أنْ يخِفَّ وَلاعُ
لكنَّها اللّحَظاتُ تسْقيكَ الطِّلا
وبِهِ خَبَتْ - شَطْراً - بِكَ الأوْجاعُ
حتى إذا تَصْحو الغَداةَ بخافِقٍ
بَرَزَتْ بحاجبِها وزاد لَماعُ
وعَرَفْتَ أنَّكَ قد فُتِنْتَ بِسِحْرِها
هَيْفاءُ قد حَكَمتْ ، لها أتْباعُ
وجُنودُها بينَ الضُّلوع تَسلَّلوا
وتصَوَّبوا المَرْمى ، وشُلَّ دِفاعُ
عُنُقٌ ونَحْرٌ تحتَهُ ، وتَرائبٌ
حُمِيَتْ فلا يُرْبىٰ لَهنَّ يَفاعُ
ورَحيقُ زَنْبَقِها يفوحُ طَراوَةً
وبهِ النَّسيمُ مُزاوِلٌ ضَوّاعُ
وبلاسِمٌ مِنْ ثَغْرِها وكَأَنَّها
أنْغامُ شاديَةٍ لها إيقاعُ
وأنامِلٌ وبَراعِمٌ في نَسْجِها
زَهْرٌ رفيفٌ والشّذا نَعْناعُ
كيفَ السّبيلُ مِنَ الحِسانِ تَحَصُّناً
مِنْ بعدِما ضاقتْ بكَ الأصْقاعُ
وضَمَمْتَ قلباً واهِنِاً ، وجِدارُهُ
إنْ هَبَّ لَفْحٌ يَعْتليهِ قَشاعُ
هُوَ والزّمانُ مَعَ الجمالِ تآنَسا
ومَعَ الحِسانِ ، كما وكانَ رِضاعُ
وهَوَى العُيونِ إذا دهاكَ فُجاءَةً
فَهُوَ الرّفيقُ وليسَ ثَمَّ وَداعُ
إنْ في الجَمالِ لكَ الوُلوعُ وخاطِرٌ
أنتَ الأسيرُ ولنْ يَقيكَ لِفاعُ
فارْفَعْ يَدَيْكَ بها البيانُ تَسالُماً
ودَعِ القلوبَ كما تَشاءُ تُطاعُ
(١) الرُّود : الشّابّةً الحَسنة