عَلِقنا
تحلُّ الليالي و النجومُ تُحابينا
بضوءٍ و نورٍ في السِّماءِ يُماسينا
و كم في احْتلاك الليلِ ما اسْوَدَّ ظُلْمةً
مَنارٍ يُضيءُ الدَّربَ حتى تُلاقينا
عَلِقْنا كما لزّتْ بقفْرٍ مراسينا
و بتْنا مع التجهيلِ كأساً يُساقينا
نيامَ الضُحى و الظُهرِ قَيْلاً وغَفْلةً
و نحلمُ بالأمجادِ تأتي نواحينا
نحاولُ ترْويضَ الزَمانِ لصفِّنا
و لكنْ بأفكارٍ تُريقُ الحيا فينا
نقولُ لهُ كُنّا يقاظاً وغيرُنا
نياماً وفي الغاباتِ يَحْسَوْنَهُ طينا
و كُنّا كتابَ الدّارعين شهامةً
و كانوا لسانَ الحاسدينَ مَغانينا
حديثُ الكسالى في النهار ترُدّداً
يهيمُ الحيارى في الغيوبِ مراهينا
لبسنا ثيابَ العجزِ شاخت عُزومُنا
و طبْنا مذاقَ الوَهْنِ خُمْداً أثافينا
و ما جيءَ بالإنسانِ إلاّ لتقدُّمٍ
هو الصّرْخةُ الأولى تعالت تُنادينا
و ما صالحٌ أمْساً يكون لأمْسهِ
و لليومِ إصلاحٌ يُنادي المُؤَدِّينا
و للغدِ أحوالٌ تزيدُ تحدِّياً
لها دفترُ الأحوالِ يُعْطي البراهينا
و إنْ نَشْكُ ضُعْفاً ، مَنْ سوانا بديعُهُ
و مَنْ غيرُنا ألْوَتْ يداهُ الموازينا
زرَعنا المباني ناطحاتٍ رؤوسُها
و لكنْ دعَوْنا الخصْمَ يحمي مآقينا
كتَبنا على الألواح نبني حضارةً
و لكنْ ضلَلْنا بابَها والميادينا
بسُعْرِ الخلافاتِ اسْتماتَت نفوسُنا
و قَصْفِ البياناتِ اسْتَطلْنا عَرانينا
تركنا لأطرافِ العيون عتادَنا
فعاثتْ بأطرافِ الرِّماحِ أعادينا
و لا غَرْوَ ما دامت ، و لمْ يمضِ وقْتُها ،
عيونُ المها تُفني الخصومَ اللدودينا
سنمضي بها فَرْطاً على الصوتِ سُرْعَةً
إلى ساحةِ الإقْدامِ نَفدي فلسطينا
و نتلوا بيانَ النصرِ ، بيضٌ وجوهُنا
و نرتعُ في قُدسٍ تَزَّكتْ رياحينا
لقد سجَّل التاريخُ لَيْنَ قناتِنا
و لا سيفَ نُعْليهِ ولا درعَ يحمينا
و صرنا غُثاءً في العوالمِ فُرْجةً
فيا ربِّ هل تأذنْ بفتحٍ يُداوينا
بَني العُرْبِ شُبّاناً وكُهْلاً وشيبةً
أفيقوا ، كفى نومٌ يُهينُ المدافينا
و شُدُّوا بني أمّي رَخاءَ حبالكم
فلن نَرْقَ في الأزمانِ إلاّ بأيدينا