طعِمْتُ الحُبَّ
طَعِمْتُ الحُبَّ يُهْديني
جَنى الأيّامِ يُسْديني
وروداً بالشّذا فاحتْ
وما ضَلَّتْ عَناويني
وحَلَّتْ في رُبى قَلْبي
تُغاديني وتُمْسيني
بأنْسامٍ وأحْلامٍ
طُهوراً مِنْ أَيامِيني
أَلا يا حُبُّ خَبِّرني
متى أَزْمَعْتَ تَغْزوني
وتُبقيني لها أسْراً
عُيوناً جِدُّ تَسْبيني
فقدْ أنْدَيْتَ أشْواقي
بأفْنانِ الرّياحينِ
وألْوانٍ وأنْوارٍ
مِنَ الأقمارِ تَهْديني
إلى حيثُ الجَوىٰ ميْسٌ
بتَزْهيرٍ وتَغْصينِ
تَدَلّى بالمُنى شالاً
يُداويِني ويَشفيني
أَماطتْ عنْ سَنا بَدْرٍ
وقالتْ قُمْ لِتُرْويني
بها نَجْوىٰ وأنْفاسٍ
تُعيدُ الرُّوحَ تُحْيِيني
كِلانا في الهَوىٰ غِرٌّ
وما حُزْنا لِتأمِينِ
دَنَوْنا سِحْرَ أحْلامٍ
تَرامَتْ كالمَيادينِ
وشَوْقٍ بالفَلا نادىٰ
ألا يا حُضْنُ آويِني
يَفيضُ الوَجْدُ غَدّاقاً
بِغلْيٍ بَعْدَ تَسْخينِ
وكالْحُمَّى حَراراتٍ
دِمانا في الشّرايينِ
نُمَنِّي الْعُمْرَ مفْروشاً
برَنْداتٍ ونَسْرينِ
نَسيمُ الصّدْرِ إرْسالٌ
بِضَمّاتٍ وتَسْكينِ
نُقاضي الدَّهْرَ ما أدّى
نَشيداً دونَ تَلْحينِ
تعالىٰ في المَدىٰ صوْتٌ
كَفوْراتِ البَراكينِ
بأنَّ النّجْمَ لمّاحٌ
نَذيرٌ بالقَوانينِ
وهُوْ في الليْلِ كشّافٌ
بِعَيْنٍ لا بِتَخْمينِ
يَقولُ البَدْرُ ليْ ضَوْءٌ
فمَن ذا لا يُداريني
وكلٌّ في السَّما يُدْلي
ويُعطي بالبَراهينِ
ألا يا حظُّ كم تَقْسو !
فما جِئنا بِتشْيينِ
ولا جِئنا بِبُهْتانٍ
ولا خَرْقٍ لِتَدْوينِ
هِيَ اللُقْيا فلا بَعْدٌ
ولا قَبْلٌ بِتَهْوينِ
لُحيْظاتٌ وما حَلَّتْ
لِتَحْريمٍ وَتَخْوينِ
بَنَينا في الحشا حُبّا
حَفظْناهُ بِياسِينِ
عَفيفاً كالْحَيا طُهْراً
رِهاماً أوْ بِتَهْتينِ
ولَولا الحُبُّ ما ذُقْنا
لذيذَاً كالمَيامينِ
وما ضَجَّتْ سَماواتٌ
بِأطيافِ المَزايِينِ
تُحاكي الكونَ إبْداعاً
وتَدْعو ثُمَّ آمِينِ
ألا يا حُبُّ ما ضاقَتْ
قُلوبٌ مِنْ تَحانينِ
ولا أنتَ الذي يَسْطو
كسَرْحانٍ وشاهينِ
وفيك السِّحْرُ مَوْصوفٌ
لِمنْ ضاقوا بِتَكْوينِ
و مَنْ قَلْبٌ له يَرْنو
إلى حُبٍّ وتَحْسينِ
فقد رَقَّتْ لهُ نَفْسٌ
وأَعْلا في المَوازينِ
ولا يَصْطادُهُ سُخْطٌ
ولا يُمْسي على هُونِ
حبيسَ الحِقْدِ إذْ يَنْدي
جَبينُ الرأيِ في حينِ
وكَمْ ذا لِلْوَرىٰ قَضْمٌ
بأسْنانٍ وسِكِّينِ
إذا هُمْ أُثْخِنوا غِلّاً
وما سَدّوا لتَفْتينِ
وقالوا نحْنُ أُولاها
وما غَيْرٌ لِتَمْكينِ
وما أُسٌّ وما رأسٌ
بحاراتِ المَساكينِ
ولِلعُرْبانِ في هذا
صُروفٌ مِنْ أفانينِ
على التَّجْهيلِ عاشوها
دُهوراً لا على الدِّينِ
صِراعاً واحْتماءاتٍ
بِعصْباتٍ بلا لِينِ
وما أعْلَوْا سِوى الشَّحْنا
وأسْوارٍ مِنَ الطِّينِ
وأَعْداءٌ لهمْ جَدَّوا
وشَادوها بِتمْتينِ
صُروحاً بالنُّهى قامتْ
على عِلْمٍ وتَمْدينِ
كفانا بالسّخا نَهْذي
وأمْجادٍ وتَأْبينِ
ولا نُبدي لها صِدْقا
بأفعالٍ وتَدْشينِ
سِوى رَجْعٍ ونَطّاتٍ
كنَطّاتِ الدّلافينِ
وأجْيالٌ لنا تَهْفوا
لِتَرْقىٰ ، ليسَ لِلدُّونِ
وَمِنْ حَقٍّ لهمْ يَسْمَوْا
ولا يُحْنىٰ بِعِرْنينِ
بأيْدينا أماناتٌ
فكمْ مِنّا بِمأْمُونِ
إذا حِلْمٌ تَوَسَّمْنا
فذا دَيْنٌ بِتَعيِينِ
ولٰكنْ عَصْرنا عِلْمٌ
يَمُدُّ العقْلَ بالتِّينِ
وأتْراسٌ وآلاتٌ
بِأصْلٍ لا بِتَهْجينِ
فإنْ صِرْنا على عِلْمٍ
كفانا عن ثَعابينِ
وعنْ غَرْبٍ وعنْ شَرْقٍ
وعَنْ دُبٍّ وتِنِّينِ