كم أخذْنا
كم أخذنا الأحلامَ بيتاً وسُكْنى
وصعدنا أبراجَها واصطففنا
قيْد أفكارٍ نحتويها ، غراماً
وانْجذاباً حتى نرى ما حَلِمنا
ثُمَّ حِدْنا أو ما حسبْنا -قُصوراً-
بعضَ تقديرٍ كم بخَسْناهُ وزنا؟
عادةً ما تأت الأماني ونُعلي
من قداحٍ حتّى إذا ما انْتَشيْنا
بعضُ أبراجها علينا تهاوَت
بعد كأسٍ من شَهْدِها قد رشفْنا
ثُمّ عُدنا حُبّاً لها أمنياتٍ
إذ متى لم نحلمْ بها نحن كنّا؟
صاحبتْنا الأحلامُ حتى نخاعٍ
من عظامٍ من صُلْبها قد خرجنا
وإذا ما حُلْمٌ نراهُ توارى
كم خسرنا لو حُلْمُنا ما تبِعْنا!
إنّهُ في عقولنا قد تَرَبَّى
من سناهُ نُضاءُ فكراً ومعنى
أوَّلُ الضّوء في الحياةِ شرودٌ
بل هو الحُلمُ حطَّ ، منه اسْتَنرنا
ومضى الطفلُ حالماً في صباهُ
راتِعاً بالحلم الذي صار مثْنى
وانْبنى بعدما ارْتوى من رحيقٍ
من زهورٍ جادت زكاءً ومَجنى
مَن بنى الأمجادَ التي قد ترامت
قادَ حُلماً حتى رأى وهْيَ حِصنا
وسليمان سائلُ الله ملْكاً
لا يُجارى ، في حلمه جلّ شأنا
مَلَكُ الْحُسْنِ بعدما فُكَّ غِّلاً
حَلِمَ الأموالَ العفيفةَ أمْنا
سيّدُ الخلْقِ ساهر الليلِ سبْحاً
مِن ضياهُ حُلْمٌ تَفَتَّقَ حُسْنى
ساحةُ الكون قِبلةً إذْ نراها
يومَ جُبْنا سماءَها واستفقنا
يالها من أنجمٍ إذا نهتديها
في ارتحالٍ من عيشهِ ما سأمنا
كم خيالٍ خصْبٍ كما نشتهيهِ
ثمّ وافى عزماً لنا صار أدنى
في الأيادي إذا لهُ مِن زنادٍ
قد قدحنا ، وفِكْرةٍ إنْ عَصفْنا
للخيالِ الجميل نفْسٌ وروحٌ
كيف نحيا وروحُنا ما تُضَنّا؟
فالْتَدعْهُ يروي عروقاً ويُحيي
هيكلاً كُلّما ارْتوى كان أسنى
ليت أحلامَنا رؤىً من سناها
تُستنار الدروبُ علْماً وذُهْنا
بعضُها من هذا وأغْلبُها مِمْ
ما يُميتُ الأذهانَ وقتاً ومبنى
وإذا كان العقلُ للفكر مرعىً
لن تضيقَ الآفاقُ يسراً ويُمْنا
ربَّما أحلامٌ لنا أنهكتْها
مُغْرياتٌ تغوّلت ما انتبهنا
لم نفرِّقْ إن كان ما نبتغيهِ
في حياةٍ غثّاً بدا إذ طَعمْنا
أو سميناً مادام ذوقٌ لنا مِن
مُلْقَياتِ المزاج لم يُغْنِ سَمْنا
نستطيبُ الأوهامَ إنْ حرّكت ما
يستثيرُ الأهواءَ والمَيْلَ مِنّا
ذاك حلْمٌ وهذه بنتُ وهْنٍ
حبُّ ما نرْضى لا يُسبّبُ وهْنا
لا نداوي جرحاً إذا نحن منها
لم نبارحْ أوهامنا ، واتَّعظنا
يَسبقُ الفعلَ الجميلَ اعْتزامٌ
خلطةُ الفكرِ تَصبغ العزْمَ دُهْنا
يُولَد الحلمُ قبْلها في ابْتهاجٍ
لفّةُ المهْدِ تدْمغُ الْحلمَ حُسْنا